الثلاثاء، 26 مايو 2009

صور تكنولوجيا 2009
















اخبار تكنولوجية

تستقــطب تكــنولوجيا العرض الثلاثية الأبعاد أنواعا مختلــفة من المستخدمين يشتركون في البحث عن مزيد من الدقــة في عرض الصور والأفلام تقربها أكثر فأكثر من الواقعية. وفي حين قد نجد هذا النوع من التكنولوجيا مستخدمة في المختبرات البحثية الكبرى من أجل فهم أفضل للتركيبة الثلاثية الأبعاد للجزيئات يستخدمها آخرون في عملية الترويج العقاري لاسيما فيما خص مشاريع المدن الجديدة. وفي ظل الطفرة العقارية في منطقة الخليج عرضت شركتي «اركي 300» البرتغالية و Virtuel City الفرنسية مؤخــرا في دبي تقنيات متطورة تنتج وسائل عرض ثلاثــية الأبعاد بالفيديو واسطوانات «دي فــي دي» والاسطوانات المدمجة التفاعلية. إذ تؤدي الصورة الثلاثية الأبعاد المنتجة بالكومبــيوتر والتي تظهر المباني والفيلات ومراكز التسوق والمرافق الرياضية دورا مهما في تسويق لمشاريع تكلف ملايين الدولارات عبر المنطقة. وتسمح تقنية الشركتين بتمثيل المدن بصورة ثلاثية الأبعاد وعلى مختلف المستويات. وكمثال على ذلك، فقد قامت شركة Virtuel City بتصميم نموذج لمدينة أبو ظبي لتسليط الضوء عالمياُ على هذا النموذج باعتباره أول نموذج لعاصمة عالمية على شبكة الانترنت. وبذلك تقدم الشركة مشروعا لاكتشاف مدينة أبو ظبي بشكل ثلاثي الأبعاد. وتسعى هذه الشركات أيضا للاستفادة من برامج على الشبكة مثل Google Earth من أجل الترويج للمشاريع المعمارية والمدنية كما للسياحة بحيث يصبح من السهل على كل متصفح لشبكة الانترنت أن يشاهد الفندق الذي سيقيم فيه والمناطق السكنية ومراكز التسوق أو أن يأخذ جولة داخل متحف اللوفر أو يشاهد سباقا سواء في باريس أو نيويورك أو طوكيو. وبالاضافة إلى ذلك، تقوم شركة Virtuel City بتخطيط عملــيات الأمن القومي (محاكاة مراكز الشرطة؛ عمليات مكافحة الحرائق إلخ). *-* عرضت شركة إنتل للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط العائلة الجديدة من معالجاتها المصنعة بتقنية 45 نانومتر في كل من القاهرة ودبي. وكانت إنتل كشفت عن 16 معالجاً للخوادم والحاسبات عالية الأداء، مصنوعة باستخدام تكوين جديد بالكامل للترانزستورات يقلل من مشكلة تسرب الكهرباء التي تعيق التقدم في ابتكارات أجهزة الكومبيوتر المستقبلية. وبالإضافة إلى زيادة أداء الجهاز وتوفير استخدام الطاقة، فقد تخلصت هذه المعالجات أيضاً من مادة الرصاص، وستتخلص في العام 2008 من مادة الهالوجين، الضارتين بالبيئة. وفيما يسميه غوردون مور، أحد مؤسسي شركة إنتل، التطور الأكبر في صناعة الترانزستورات منذ 40 عاماً، ستكون المعالجات أول منتج يستخدم تركيبة البوابة المعدنية من إنتل ذات معامل العزل العالي (Hi-k) المرتكزة إلى مادة «الهفنيوم»، وذلك في مئات ملايين الترانزستورات الموجودة داخل هذه المعالجات. كما سيكون المعالجان Intel Core 2 Extreme و Intel Xeon أيضاً أول المعالجات التي تنتج بعملية التصنيع 45 نانومتر، ما يوفر دعماً إضافياً للأداء ويقلل من استهلاك الطاقة. ويمهد هذا التقدم الطريق لتصميم منتجات أصغر بنسبة 25؟ مقارنة بالمنتجات السابقة ما يقلل من تكلفتها. وتضم المعالجات المصنعة بتقنية 45 نانومتر الجديدة (النانومتر يساوي 1 على مليار من المتر) ضعفي كثافة عدد الترانزستورات تقريباً مقارنة بالرقاقات السابقة المصنعة بتقنية 65 نانومتر ـ أي ما يصل إلى 820 مليون ترانزستور للمعالجات رباعية النوى، يستخدم كل منها التكوين الجديد من إنتل. كما أصبحت المعالجات تشتمل على مزايا إضافية مثل مجموعة التعليمات Streaming SIMD Extensions 4 (SSE4) التي تحتوي على 47 تعليمة إضافية تسرِّع تنفيذ مهام العمل بما في ذلك ترميز الفيديو عالي التحديد ومعالجة الصور، بالإضافة إلى الحوسبة عالية الأداء والتطبيقات المؤسساتية. -*- أعلنت شركة «باناسونيك» للإلكترونيات والأجهزة المنزلية عن تجديد التزامها حيال موضوع التغير المناخي بإضافة أهداف بيئية إلى خطة عملها للسنوات الثلاثة المقبلة حتى آذار من العام .2010 وطرحت ما أسمته «إعلان أفكار باناسونيك البيئية» (Panasonic Eco Ideas Declaration) التي تحدد المبادرات الثلاث في مجال «الأفكار البيئية الخاصة بالمنتجات» و«الأفكار البيئية الخاصة بالتصنيع» و«الأفكار البيئية الخاصة بكافة الأشياء» التي تركز نشاطات الإدارة البيئية للشركة عليها وذلك من خلال تقليل الأعباء البيئية في جميع أنشطتها التجارية. وتهدف «باناسونيك» باعتبارها شركة مصنعة إلى تخفيض معدلات انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في عمليات التصنيع من حيث المستويات العالمية الإجمالية وليس على أساس كل قسم على حدة. وعلاوة على ذلك، ستعتمد الشركة عملية التخلص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كأحد أهم مؤشراتها الإدارية في ظل القلق المتزايد في أوساط المجتمع الدولي حول تأثير هذه الانبعاثات في تسريع عملية التغير المناخي. وتقول «باناسونيك» أنها ستتخلص من 300 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون خلال السنوات الثلاثة التي تغطيها خطتها الإدارية، ما يؤدي إلى تخفيض المستوى الإجمالي لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى 3.68 مليون طن بحلول العام 2010 مقارنة بـ 3.98 طن خلال السنة الحالية .2007 مع التزامها بتخفيض معدلات انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى حوالى 3.6 مليون طن خلال السنة المالية 2011 عن مستواه خلال السنة المالية .2001 وأسست الشركة خلال شهر نيسان الماضي نظاماً للأداء البيئي لجمع بيانات الأداء الشهري لـ 23 منتجا من مصانعها حول العالم ومن ثم تحليل النتائج وإخضاعها لمزيد من التحسينات. وسيشتمل تحليل الأداء البيئي لهذه المنتجات على انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى الكفاءة في استهلاك مصادر المياه والطاقة مثل الكهرباء والغاز والوقود إضافة إلى أشياء أخرى. وسيتم تطبيق هذا النظام، الذي بدأ العمل به في اليابان خلال الشهر الجاري، في كافة مصانع الشركة بما فيها مرافق التصنيع الخارجية حول العالم اعتباراً من شهر كانون الثاني المقبل. *-* أطلقت «برو تكنولوجي» محرك أقراص صلبة خارجي بقياس 6.3 سم (5,2 بوصة) وسعة 300 غيغابايت هو الأوّل من نوعه في العالم وهو أصبح متوفرا في بعض أسواق منطقة الشرق الأوسط. وطور القرص الصلب «إف. إتش. دي ـ 2 برو» ( FHD-2 PRO 300GB) ذو السماكة الرقيقة والبالغ وزنه 175 غراما من قبل شركة «فريكوم تكنولوجيز» الألمانية المتخصصة في مجال حلول التخزين. ويعد هذا القرص الصلب وحدة تخزين بيانات نقالة ومدمجة بالكامل تبلغ أبعادها .19 140 80 وبالإضافة إلى الحد الأقصى للتخزين الذي يوفره القرص الصلب «إف. إتش. دي ـ 2 برو» لتطبيقات الحوسبة النقالة، فإنه يتميز أيضاً باحتوائه على ميزات مزامنة البيانات (Data-synchronization)، التي تتيح للمستخدمين تحديث ملفاتهم ضمن مختلف أنواع أجهزة الكمبيوتر التي يستخدمونها. وإذا ما تم استخدام محرك الأقراص الصلبة جنباً إلى جنب مع برنامج «فريكوم سينك» (Freecom Sync) فإنه سيقوم بشكل أوتوماتيكي بتحديد أي تغيير على الملفات وينبه المستخدم إلى ضرورة تحديثها سواء في الكومبيوتر أو على الشبكة وفقاً للنسخ المعدلة. ويستمد محرك الأقراص الصلبة هذا طاقته بالكامل من الحاسوب بواسطة منفذ الناقل التسلسلي العام (UBS). ويرفق مع محرك الأقراص الصلبة «إف. إتش. دي ـ 2 برو» برنامج «أن. تي. آي. شادو ترو إميج» (NTI Shadow True Image)، الذي يوفر إمكانية التخزين الاحتياطي، حيث يقوم بشكل أوتوماتيكي بحماية ملفات الصور والموسيقى والفيديو والبيانات المختلفة. ويتيح هذا البرنامج للمستخدمين نسخ الملفات أوتوماتيكياً وفورياً من أجهزة الكمبيوتر إلى مختلف الأجهزة الأخرى كما أنه يعمل بشكل شفاف دون إعاقة عمل المستخدم بالإضافة إلى أنه لا يستهلك من موارد النظام الهامة فضلاً عن تسهيل استعادة البيانات والحفاظ عليها بصيغها الأصلية.

الاثنين، 25 مايو 2009

دمعة على الإسلام

كتب إليّ أحدُ علماء الهند كتاباً يقولُ فيه إنه اطلع على مؤلف ظهر حديثاً بلغة ( التاميل ) ، وهي لغة الهنود الساكنين بناقور وملحقاتها بجنوب مدراس ، موضوعه :
تاريخ حياة السيد عبد القادر الجيلاني ، وذكرُ مناقبه وكراماته ، فرأى فيه من الصفات والألقاب التي وصف بها الكاتب السيد عبد القادر ولقّبه بها صفات وألقاباً هي بمقام الألوهية أليق منها بمقام النبوة ، فضلاً عن مقام الولاية كقوله : (سيد السموات والأرض) و (النفّاع الضرّار) و (المتصرّف في الأكوان) و (المطلع على أسرار الخليقة) و (محيي الموتى) و (مبرئ الأعمى والأبرص والأكمه) و (أمره من أمر الله) و (ماحي الذنوب) و (دافع البلاء) و (الرافع الواضع) و (صاحب الشريعة) و (صاحب الوجود التام) إلى كثير من أمثال هذه النعوت والألقاب! ويقول الكاتب : إنه رأى في ذلك الكتاب فصلاً يشرح فيه المؤلف الكيفية التي يجب أن
يتكيّف بها الزائر لقبر السيد عبد القادر الجيلاني يقول فيه : (أول ما يجب على الزائر أن يتوضأ وضوءاً سابغاً ، ثم يصلي ركعتين بخشوع واستحضار ، ثم يتوجّه إلى تلك الكعبة المشرفة ، وبعد السلام على صاحب الضريح المعظم يقول :
(يا صاحب الثقلين ، أغثني وأمدّني بقضاء حاجتي وتفريج كربتي . أغثني يا محيي الدين عبد القادر ، أغثني يا ولي عبد القادر ، أغثني يا سلطان عبد القادر ، أغثني يا بادشاه عبد القادر ، أغثني يا خوجة عبد القادر) .
(يا حضرة الغوث الصمداني ، يا سيدي عبد القادر الجيلاني ، عبدك ومريدك مظلوم عاجز محتاج إليك في جميع الأمور في الدين والدنيا والآخرة) .
ويقول الكاتب أيضاً : إن في بلدة (ناقور) في الهند قبراً يسمى (شاه الحميد) وهو أحد أولاد السيد عبد القادر كما يزعمون وأن الهنود يسجدون بين يدي ذلك القبر سجودَهم بين يدي الله ، وأن في كل بلدة من بلدان الهنود وقراها مزاراً يمثل مزار السيد عبد القادر ، فيكون القبلة التي يتوجه إليها المسلمون في تلك البلاد ، والملجأ الذي يلجأون في حاجاتهم وشدائدهم إليه ، وينفقون من الأموال على خدمته وسدانته ، وفي موالده وحضراته ما لو أنفق على فقراء الأرض لصاروا أغنياء .
هذا ما كتبه إليّ ذلك الكاتب ؛ ويعلم الله أني ما أتممت قراءة رسالته حتى دارت بي الأرض الفضاء ، وأظلمت الدنيا في عيني ، فما أُبصرُ مما حولي شيئاً حزناً وأسفاً على ما آلت إليه حالة الإسلام بين أقوام نكروه بعدما عرفوه ، ووضعوه بعدما رفعوه ، وذهبوا به مذاهب لا يعرفها ، ولا شأن له بها !
أيّ عين يجمل بها أن تستبقي في محاجرها قطرةً واحدةً من الدمع ، فلا تريقُها أمام هذا المنظر المؤثر المحزن ، منظر أولئك المسلمين ، وهم ركّع سجّدٌ على أعتاب قبر ربما كان بينهم من هو خيرٌ من ساكنه في حياته ، فأحرى أن يكون كذلك بعد مماته !
أي قلبٍ يستطيعُ أن يستقرّ بين جنبي صاحبه ساعة واحدة ، فلا يطير جزعاً حينما يرى المسلمين أصحاب دين التوحيد أكثر من المشركين إشراكاً بالله ؛ وأوسعهم دائرة في تعدد الآلهة ، وكثرة المعبودات !
لِمَ ينقُمُ المسلمون التثليث من المسيحيين ؟ لِمَ يحملون لهم في صدورهم تلك الموجدة وذلك الضغن ؟ وعلامَ يحاربونهم ؟ وفيم يقاتلونهم وهم لم يبلغوا من الشرك بالله مبلغهم ، ولم يغرقوا فيه إغراقهم ؟
يدين المسيحيون بآلهة ثلاثة ، ولكنهم يشعرون بغرابة هذا التعدد وبعده عن العقل ، فيتأولون فيه ، ويقولون إن الثلاثة في حكم الواحد . أما المسلمون فيدينون بآلاف من الآلهة ، أكثرها جذوع أشجار ، وجثث أموات ، وقطع أحجار ، من حيث لا يشعرون !
كثيراً ما يضمر الإنسان في نفسه أمراً ، وهو لا يشعر به ، وكثيراً ما تشتمل نفسُه على عقيدة خفية لا يحس باشتمال نفسه عليها . ولا أرى مثلاً لذلك أقرب من المسلمين الذين يلتجئون في حاجاتهم ومطالبهم إلى سكان القبور ويتضرعون إليهم تضرعهم للإله المعبود ، فإذا عتب عليهم في ذلك عاتب ، قالوا : إنا لا نعبدهم ، وإنما نتوسل بهم إلى الله ، كأنهم يشعرون أن العبادة ما هم فيه ، وأن أكبر مظهر لألوهية الإله المعبود أن يقف عباده بين يديه ضارعين خاشعين ، يلتمسون إمداده ومعونته ، فهم في الحقيقة عابدون لأولئك الأموات من حيث لا يشعرون .
جاء الإسلام بعقيدة التوحيد ليرفع نفوس المسلمين ، ويغرس في قلوبهم الشرف والعزة والأنفة والحمية ، وليعتق رقابهم من رِقّ العبودية ، فلا يذل صغيرهم لكبيرهم ، ولا يهاب ضعيفهم قويهم ، ولا يكون لذي سلطان بينهم سلطان إلا بالحق والعدل . وقد ترك الإسلامُ بفضل عقيدة التوحيد ذلك الأثر الصالح في نفوس المسلمين في العصور الأولى ، فكانوا ذوي أنفة وعزة ، وإباء وغَيْرة ، يضربون على يد الظالم إذا ظلم ، ويقولون للسلطان إذا جاوز حده : قف مكانك ،
ولا تغلُ في تقدير مقدار نفسك ، فإنما أنت عبد مخلوق لا رب معبود ، واعلم أنه لا إله إلا الله .
هذه صورة من صور نفوس المسلمين في عصر التوحيد . أما اليوم وقد داخلَ عقيدتَهم ما داخلَها من الشرك الباطن تارة والظاهر أخرى ، فقد ذلت رقابهم وخفقت رؤوسهم ، وضرعت نفوسهم ، وفترت حميتهم ، فرضوا بخطة الخسف ، واستناموا إلى المنزلة الدنيا ، فوجد أعداؤهم السبيل إليهم ، فغلبوهم على أمرهم ، وملكوا عليهم نفوسهم ، وأموالهم ، ومواطنهم ، وديارهم ، فأصبحوا من الخاسرين .
واللهِ ، لن يسترجع المسلمون سالف مجدهم ، ولن يبلغوا ما يريدون لأنفسهم من سعادة الحياة وهناءتها ، إلا إذا استرجعوا قبل ذلك ما أضاعوه من عقيدة التوحيد ، وإن طلوع الشمس من مغربها ، وانصباب ماء النهر في منبعه ، أقرب من رجوع الإسلام إلى سالف مجده ، ما دام المسلمون يقفون بين يدي الجيلاني كما يقفون بين يدي الله ، ويقولون للأول كما يقولون للثاني : (أنت المتصرف في الكائنات ، وأنت سيد الأرضين والسموات) .
إن الله أغيرُ على نفسه من أن يسعدَ أقواماً يزدرونه ، ويحتقرونه ، ويتخذونه وراءهم ظهرياً ؛ فإذا نزلت بهم جائحة ، أو ألمت بهم ملمة ذكروا الحجر قبل أن يذكروه ، ونادوا الجذع قبل أن ينادوه .
بمن أستغيث ؟ وبمن أستنجد ؟ ومن الذي أدعوه لهذه الملمة الفادحة ؟ أأدعو علماء مصر وهم الذين يتهافتون على (يوم الكنسة) [1] تهافُتَ الذباب على الشراب ؟ أم علماء الآستانة وهم الذين قتلوا جمال الدين الأفغاني [2] فيلسوف الإسلام ليحيوا أبا الهدى الصيّادي شيخ الطريقة الرفاعية ؟ أم علماء العجم وهم الذين يحجون إلى قبر الإمام كما يحجون إلى البيت الحرام ؟ أم علماء الهند وبينهم أمثال مؤلف هذا الكتاب ؟
يا قادة الأمة ورؤساءها ! عَذَرْنا العامة في إشراكها ، وفساد عقائدها ، وقلنا :
إن العامي أقصر نظراً ، وأضعف بصيرة من أن يتصور الألوهية إلا إذا رآها ماثلة في النصب ، والتماثيل ، والأضرحة والقبور ؛ فما عذركم أنتم وأنتم تتلون كتاب الله ، وتقرأون صفاته ونعوته ، وتفهمون معنى قوله تعالى : ] قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إلاَّ اللَّهُ [ [النمل : 65] . وقوله مخاطباً نبيه : ] قُل لاَّ أََمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَراً [ [الأعراف : 188] . وقوله : ] فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ المُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) [ [الأنفال : 17] ؟
إنكم تقولون في صباحكم ومسائكم وغدوكم ورواحكم : (كل خير في اتباع من سلف ، وكل شر في ابتداع من خلف) فهل تعلمون أن السلف الصالح كانوا يجصصون قبراً ، أو يتوسلون بضريح ؟ وهل تعلمون أن واحداً منهم وقف عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أو قبر أحد من أصحابه وآل بيته ، يسأله قضاء حاجة ، أو تفريج هم ؟
وهل تعلمون أن الرفاعي والدسوقي والجيلاني والبدوي أكرم عند الله وأعظم وسيلة إليه من الأنبياء والمرسلين ، والصحابة والتابعين ؟
وهل تعلمون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما نهى عن إقامة الصور والتماثيل ، نهى عنها عبثاً ولعباً ، أم مخافة أن تعيد للمسلمين جاهليتهم الأولى ؟
وأي فرق بين الصور والتماثيل وبين الأضرحة والقبور ما دام كل منها يجر إلى الشرك ، ويفسد عقيدة التوحيد ؟
واللهِ ، ما جهلتم شيئاً من هذا ولكنكم آثرتم الحياة الدنيا على الآخرة ، فعاقبكم الله على ذلك بسلب نعمتكم ، وانتقاض أمركم ، وسلط عليكم أعداءكم يسلبون أوطانكم ، ويستعبدون رقابكم ، ويخربون دياركم ، والله شديد العقاب .
* كاتب وأديب مصري مبدع ، وهو في هذا المقال يعلق على موضوع القبور والأضرحة بوجهة نظر الفرد المسلم الذي يحز في نفسه ما آل إليه حال بعض المسلمين وهو من كتاب (النظرات) تحقيق مجيد طراد .

نبي الملحمة

الذين قالوا: إن محمداً رفع السيف, ونشر على حدِّه دعوته، ماذا كانوا يريدون منه أن يفعل بعد ما لقى من أذى المشركين ما يفوق احتمال البشر؛ حتى لقد كانت حمالة الحطب أم جميل بنت حرب تجمع الشوك والأقذار من كل مكان لتضعها على بابه وعلى طريقه؛ فلما نزل فيها وفي زوجها قوله -تعالى-: [وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)] (المسد).
زادها الوعيد عنفاً؛ فأقبلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان جالساً بالمسجد مع أبي بكر, وبيدها حجر ضخم تريد -كما قالت- أن تدق به فم الرسول, فصرف الله بصرها عنه، وقالت لأبي بكر: والله لَوْ وَجدْتُه لضَربْتُ بهذَا الحجَرِ فَمَه, ثم أنشدت من شعرها تسب الرسول وتتحداه:
مُذَمَّماً عَصَيْنَا وَأَمْرَهُ أَبَيْنَا
وَدِينَهُ قَلَيْنَا
وكان أمية بن خلف إذا رأى الرسول سبه علانية، وآذاه، وسخر منه حتى نزل فيه قوله -تعالى-: [وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2)] (الهمزة).
وكان النضر بن الحارث يصف رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- بأنها أساطير الأولين, وفيه نزل قوله -سبحانه وتعالى-:[وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)] (الجاثية).
ومشى عقبة بن أبي معيط يوماً إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فتفل في وجهه بعد ما حرضه عليه أُبَيُّ بن خلف حتى قال الله فيه: [وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28)] (الفرقان).
أما الوليد بن المغيرة فقد وقف مستهيناً بالرسول يقول: أينزل على محمد وأُترك, وأنا كبير قريش وسيدها؟ ويُتْرَكُ أبو مسعود بن عمر سيد ثقيف ونحن عظيما القريتين، إن هذا لغير معقول, وقد أجابه الله -تعالى- بقوله: [وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)] (الزخرف).
هكذا كانوا يعاملون الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يرعون حرمته, ولا يجاملون أهله وقرابته، ولا يترفقون به, حتى كان في مناجاته ربه يهتف بصوت يخنقه الألم.
"الَّلهم إنِّي أَشْكُو إلَيكَ ضَعْف قُوَّتي, وَقِلة حيلتي، وهواني عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحمين! أنْتَ ربُّ المُستَضعَفِين، وأَنْتَ رَبِّي فَإلى مَنْ تكلني؟ إلى بعيدٍ يتجهَّمُني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أُبالي.."
ولم يكن العذاب منصباً على الرسول وحده, بل لعل ما عاناه -على قسوته- كان أخف كثيراً إذا قيس بنصيب أصحابه من العذاب.
فقد لقي بلالُ بن رباح من أذى أُمَيَّةَ بن خلف ما يعرفه الصبية في معاهدهم حتى قال له أبو بكر يوماً: ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حَتَّى متى؟
قال أمية: أنت الذي أفسدته فإن شئت فَأَنْقذهُ, فأنقذه الصديق وأعتقه.
ولقي عمار بن ياسر وأمه وأبوه من بني مخزوم من الأذى مالا يكاد يوصف.
ولم يكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يملك إلا أن يقول لهم حين يراهم قولته الشهيرة: "صَبْراً آلَ يَاسِر؛ فَإنَّ مَوْعِدَ كم الجَنَّة".
فلما تمادى المشركون في طغيانهم, وأحس الرسول من نفسه العجز عن حماية أصحابه، ورَفْع الضُّرِّ عنهم آذنهم بالهجرة, وكان مهجرهم الأول خارجَ حدود الجزيرة إلى أرض الحبشة.
بل إن الرسول هو الذي اختار المكان لهم حين قال: "لَوْ خَرَجْتُم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكتً لا يظلم عندهُ أحدٌ, حتَّى يَجْعَلَ الله لكم فَرجاً مِمَّا أنتم فيه".
فما الذي كان يريده المفترون على محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يفعل بعد ما ألح عليه العدوان هكذا, حتى كاد يأتي عليه.
إن الدنيا لَتَعرف كيف تَكتَّلَ الكفار ضده في الحصار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي المشهور الذي أنزل بمحمد وصحبه وبعض قرابته من الضُّر ما آذاهم حتى أكل بعضهم يوماً من الجوع أوراق الشجر؛ ولولا رحمة الله التي عطفت عليه قلوب بعض الكرام لبلغ الكفار مرادهم، مما أكره الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الإذن لصحبه بالهجرة الكبرى إلى المدينة.
ثم أدركهم بعدها صبيحة الليلة التي جمع الكفارُ فيها من كل قبيلة فتى وقرروا أن ينُهْوا حياته بالسيف؛ حتى يضيع في القبائل دمه، وما تقوى على حربهم قريش.
فأي صبر كانوا ينتظرون من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوق هذا الصبر؟ وكيف تكون الموادعة بعد هذا سبيل التفاهم من أناس رفعوا عليه السيف, ولم يحمه منه أحد غير رعاية الله له؟!
إن صبر محمد -صلى الله عليه وسلم- على قومه حتى هذا المدى لهو آية الآيات على عظمة التسامح والمسالمة عند محمد، وإرخائه العِنان لقوم لم يكونوا يستحقون سوى الكبريت والحطب.
لقد سَالَمَ محمدٌ المشركين, وجاوز حدود الصبر, فما أجدت المسالمة, ولا أفاد الصَّبرُ, وأصبح الاستمرار عليهما مما لا يتفق ومنطقَ الحياة, ومما لا يتفق -كذلك- ومنطقَ النبي الذي جاء قوياً كفرسان العرب, عظيماً في حسبه ونسبه وفضائله, والذي جاء قبل هذا ليكون رسول حياة يخاطب أهلها بما يفهمون.
وما دامت السماء، بل ما دام التطور الزمني للمجتمعات قد جعل هذا نصيبه, فليكن هذا نصيبه..
إن لقيه الناس بالإحسان فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ وإن كانت الأخرى فدين محمد فيه ترياق السموم، وقرع الحديد بالفولاذ.
وإذا كان الشر قد انتصر على الخير حيناً في نُبُوَّة مُوسى وعيسى -عليهما الصلوات السلام- فقد أُذن لمحمد في القتال حتى يَفْرِضَ الخير وجوده.
ومن عَجَبٍ أن ما اتخذه محمد -صلوات الله عليه- سلوكاً لنفسه، وطريقاً لحماية دعوته منذ القرون الطوال هو نفسه الطريق الذي آثرته البشرية دون غيره لضمان البقاء.
ولو خضع الناس، وأداروا خدودهم اليسرى لمن يصفعهم على اليمنى لما قامت على وجه الدنيا ثورة واحدة في وجه ظالم, ولعاش الطغاة أعمارهم محفوفين بالإجلال والإعظام.
ولو قال أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- مقالة أصحاب موسى: [اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ] (المائدة: 24) لما قُدِّرَ للحياة أن تفيد من أسرار هذا الدين العظيم الذي لا يوجد لمشكلات عالم اليوم من حلول أفضل مما فرضها لها دين محمد -صلى الله عليه وسلم-!
هذا هو نبي الملحمة الذي قال الله فيه: [أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)] (الحج).
المصدر: محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحمد تيمور باشا، ص 181-185